سورة لقمان
  السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٢٥ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ٢٦ وَلَوْ أَنَّمَا
  {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ} بأخفى الأعمال الذي تخفيه {الصُّدُورِ} من العقائد ومن النيات وغير ذلك، وهو مكتوم في الصدور لا يتجاوزها إلى الألسنة أو غيرها فلا موقع لها إلا الصدور فهو تعالى عليم بها وسوف يحاسبهم بها بعد أن {نُمَتِّعُهُمْ} في الدنيا {قَلِيلًا} في محل الاختبار والمتاع نفع قليل وقد وصف بأنه قليل فهو أقل من القليل، وذلك لأن الدنيا تفنى فتصير كأن لم تكن كأنما كانت حلماً ثم الآخرة باقية يقابل الساعة في الدنيا أكثر من آلاف السنين في الآخرة، كما قال تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ}[الرعد: ٢٦] فكيف لا يكون متاع الدنيا قليلاً وعاقبته الخلود في النار.
  {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ} نلجئهم {إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ} ولعل هذا الاضطرار يكون بأن يساقوا إلى جهنم سوقاً عنيفاً أو بكثرة تخزيتهم على رؤوس أهل المحشر من الملائكة وغيرهم وكثرة الاحتجاج عليهم والتقريع لهم ببيان قبح ما قدموه من الجرائم وما تجرءوا عليه من كفر نِعم ربهم التي لا تحصى، وما عاملوا به ربهم الكريم العلي العظيم الغني الحميد سبحانه وتعالى حتى يرغبوا في التخلص من ذلك الموقف ولو إلى النار نعوذ بالله منها، فاضطرارهم إليها عذاب يخزيهم قبل عذاب جهنم، ولعل وصف عذابها بالغلظة لأن عليها ملائكة غلاظاً شداداً، ولأنه ليس لله فيها رحمة إنما هي دار غلظة وغضب، فلذلك وصف عذابها بالغلظة كما وصفت عيشة أهل الجنة بأنها عيشة راضية.
  (٢٥) {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} فهم معترفون له بأنه خالقها فهو ربها المالك لها،