سورة لقمان
  وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ٢٨ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
  ولكن تفسيره بقولي من ورائه لم أقتنع به؛ لأنه قليل الفائدة، أي ذكر من أين تمد البحر بل هو لا فائدة له، فالحمد لله الذي ألهمني جعل الضمير لما هو أقلام فاتضح به معنى من بعده، فقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} أي من بعد ذهاب البحر سبعة أبحر فهو قد أفاد أنها مداد تمد الأقلام من بعد البحر.
  ألا ترى أنك لو قلت: مشى فلان من بعده فلان، أو شرب زيد من بعده عمرو لفهم اشتراكهما في المشي وفي الشرب، وقد قال تعالى: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}[هود: ٧١] على قراءة رفع {يَعْقُوبُ} فقد أفاد أنه مبشر به، ولذلك قرئ بالنصب لأنها بشرت بهما.
  قال الشرفي: «قال الحسين بن القاسم #: وهذا القرآن جزء من كلمات الله نزّله إلى عباده رحمة منه لهم وعائدة بالفضل عليهم فليس يدرك باطن أغواره ولا يحاط بعجائب أسراره - في نسخة (المصابيح): إمراره وهو غلط واضح - لأن تحت كل كلمة كلام متصل لا يحصى وعجائب عظيمة لا تستقصى فنحن على كل حال مقصرون عن أغوار بحوره منحسرون عن غايات أموره إلا أنا سنستجهد بقدر طاقتنا ونتكلم على قدر مبلغ عقولنا» انتهى، ومثل أول هذا الكلام كلام الإمام القاسم # في معاني القرآن.
  (٢٨) {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} {مَا خَلْقُكُمْ} أيها الناس {وَلَا بَعْثُكُمْ} بعد الموت {إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} خلقها الله ø ويبعثها أي الكل مثل الفرد في قدرة الله تعالى على خلقه وعلى بعثه وفي علمه به وتدبير أموره وغير ذلك من علمه بأحواله وأفعاله وأقواله وأسراره في ضميره ... وغير ذلك.