التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة السجدة

صفحة 51 - الجزء 6

  فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ٢٠ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ٢١ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ


  نزلتم منزل الأضياف منا ... فعجلنا القِرى أن تشتمونا

  قال في (الصحاح): «النُّزل: ما يُهيأ للنزيل» انتهى. وقال الراغب: «والنُّزل: ما يعد للنازل من الزاد ... إلى قوله: وأنزلت فلاناً أضفته» انتهى. ولعل تسمية الجنات {نُزُلًا} ليدل على إكرامهم لأن الضيافة يقصد فيها إكرام الضيف، فأما جعل الزقوم والحميم نزلا فهو تهكم بأعداء الله كما في البيت الذي جعل فيه قتال النازلين قراهم، وقوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي بسبب ما كانوا يعملون؛ لأنه جزاء به.

  (٢٠) {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} {فَمَأْوَاهُمُ} أي في الآخرة {النَّارُ} فهو جمر جهنم {كُلَّمَا أَرَادُوا} كلما حاولوا {أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا} بتزحزحهم من أماكنهم مع ثقل السلاسل وشدة التحرك من جمر إلى جمر {أُعِيدُوا فِيهَا} في أماكنهم ليبقوا فيها {وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ} وهذا عذاب نفسي إرجاعهم والقول ذوقوا عذاب النار {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} يحقق لهم أنه جزاء على جرائمهم التي سبب لهم الإصرار عليها تكذيبهم بالجزاء ومن جرائمهم التكذيب فهو سبب العذاب من الجهتين وفيه تحقيق أنه العذاب الذي وعدهم الله به فكذبوا وعده، كقوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ}⁣[الرحمن: ٤٣] فبين لهم صدق وعد الله تعالى.

  (٢١) {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} {الْعَذَابِ الْأَدْنَى} عذاب في الدنيا (أدنى) أي أقل من عذاب جهنم