سورة الأحزاب
  
  ثم بيّن تعالى هذه النعمة بقوله تعالى: {إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} فنعمة إرسال الريح والجنود حتى رجعوا وكفى الله المؤمنين القتال، ونعمة رجوعهم خائبين لأن ذلك تجربة تثبطهم في المستقبل حتى لا يعودوا أو حتى لا يثقوا بكثرتهم إن رجعوا.
  قال الشرفي: «فنعمة الله على المؤمنين دفع الأحزاب من غير قتال وما ذكر من إرسال الريح والإمداد بالملائكة وكانت قريش قد أقبلت في عشرة آلاف وقائدهم هو أبو سفيان، وغطفان في ألف، ومن تبعهم من نجد وقائدهم عيينة بن حصن، وعامر بن الطفيل في هوازن وصاقبهم - صاقبهم قاربهم - من اليهود قريظة والنضير، وخرج ÷ في ثلاثة آلاف، وكان قد أشار عليه سلمان بالخندق، فجعله ÷ بينه وبينهم، ومضى على الفريقين قريب من شهر ولا حرب بينهم إلا الترامي [بالنبل والحصار] حتى نزل النصر إلا [في نسخة (المصابيح): إلى - وهو غلط] ما كان من قتل عمرو بن عبد ود قتله علي # [مبارزة] وقتل معه رجلان رمي أحدهما بسهم والآخر رضخ بحجار - كذا - بعد أن وقع في الخندق».
  قال الشرفي: «وقوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا} إشارة إلى ما فعل الله بهم من إرسال الريح عليهم وهي الصَّبا ريح باردة في ليلة شاتية فأبردتهم وسفت التراب في وجوههم، وقلبت الخيام، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، فانهزموا من غير قتال. انتهى. وقوله تعالى: {وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} قال الشرفي: «ألفاً من الملائكة» انتهى المراد.
  وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} فهو بصير بأعمال الكفار، ونياتهم فيها وبصير بأعمال رسول الله ÷ والمؤمنين معه وبصير بما يعمل المنافقون والذين في قلوبهم مرض، كل أعمالهم يجعل ما يليق بها لأهلها.