التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحزاب

صفحة 66 - الجزء 6

  فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ١٠ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا


  (١٠) {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} {إِذْ جَاءُوكُمْ} أي الجنود الأعداء {مِنْ فَوْقِكُمْ} من أعلا بلدكم {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} قال الشرفي: «{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ} أي حين جاءوكم، يعني: غطفان من أعلا الوادي، من قِبَل المشرق.

  قال في (البرهان): جاء منه عوف بن مالك في بني النضير، وعيينة بن حصن في أهل نجد، وطلحة بن خويلد الأسدي وبنو أسد، وأبو الأعور السلمي ومعه حيي بن أخطب اليهودي في يهود بني قريظة [في (المصابيح) بالضاد - وهو غلط] مع عامر بن الطفيل، من وجه الخندق، وقوله تعالى: {وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} يعني من أسفل الوادي من قِبَل المغرب، وهم قريش، قالوا: ستكون حملة واحدة حتى نستأصل محمداً» انتهى.

  وقوله تعالى: {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} عدلت عن حالتها الأصلية من شدة الخوف، وهذا في بعضهم، وكذا قوله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} أي من شدة الخوف، وهذا في معظم المسلمين {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} بسبب ما شاهدوا من كثرة الأعداء الذين أقبلوا من فوقهم ومن أسفل منهم فظنوا ظنوناً مختلفة منهم من ظن أن الله قد سلطهم على النبي ÷ ومن معه كما قتل الأنبياء من قبله، ومنهم من ساء ظنه بالله كما يأتي عن المنافقين، ومن المسلمين من ظن أن الله ابتلاهم بكثرة المهاجمين لهم ليبتليهم أيصبرون أم لا، أو نحو هذه الظنون.