سورة الأحزاب
  الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا ١٤ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا ١٥ قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ
  قال الشرفي: «لا مَقام - بفتح الميم - المكان الذي يقام فيه، والْمُقام الإقامة - بضم الميم - يعني: لا مقام لكم على القتال» انتهى.
  ومثله في (الصحاح) في تفسير {لاَ مُقَامَ لَكُمْ}: وأرادت أن يرجع أهل يثرب وأن مكانهم ليس مكان بقاء أو مكان وقوف، أو أن إقامتهم هنالك غير واقعة لأنهم يعتقدون أن العدو سيحولهم عنه إما طرداً وإما قتلاً {فَارْجِعُوا} واتركوا محمداً والمهاجرين.
  {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ} من المنافقين والذين في قلوبهم مرض يستأذن النبي ÷ في العودة إلى المدينة ومغادرة موقع النبي ÷ والمؤمنين يقولون معتذرين {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} غير حصينة نخشى أن يدخلها داخل من ظهورها إما سارق وإما مفسد وإما ناهب من العدو، فبين الله علام الغيوب كذبهم بقوله تعالى: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} عن محل الاستعداد للجهاد فرارا من الجهاد.
  (١٤) {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا} {وَلَوْ دُخِلَتْ} يثرب عليهم على المنافقين والذين في قلوبهم مرض، أو على الذين يستأذنون النبي ÷ دخلها العدوّ {مِنْ أَقْطَارِهَا} من جوانبها {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ} في المدينة وإثارة الحرب منها {لَآَتَوْهَا} لطاوعوا العدو فيما سألهم، لأنهم يكونون قد انقلبوا معه وصاروا مطيعين له لخوفهم منه، وعدم مبالاتهم بالإسلام، وهذا يدل على أن من كره القتال مع أهل الحق فتركه خوفاً من العدوّ سيقاتل أهل الحق خوفاً منه.