سورة الأحزاب
  فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا ١٦ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ
  وقراءة {لَآَتَوْهَا} معناه: أنهم يثيرون الفتنة طوعاً للعدوّ أما قراءة {لآتَوْهَا} بمد الهمزة فمعناها: لآتوا العدو ما سألهم وأعطوه ما طلبهم من إثارة الفتنة وخدمة أهل الباطل بها.
  وقوله تعالى: {وَمَا تَلَبَّثُوا} أي بالفتنة أو بيثرب {إِلَّا يَسِيرًا} لأن الله يحفظ رسوله ÷ وينصره عليهم فيقتلهم أو يجليهم عن المدينة، ونظير هذا قوله تعالى: {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}[الحشر: ١٢].
  (١٥) {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} {عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ} توليهم هذا {لَا يُوَلُّونَ} العدوّ {الْأَدْبَارَ} أدبارهم فقد نكثوا العهد لأنهم كانوا في مواجهة العدوّ مع رسول الله ÷ والمؤمنين المنتظرين للقتال وهم يرون العدو ويراهم العدوّ ففرّ هؤلاء الذين كانوا عاهدوا برجوعهم عن ذلك الموقف إلى بيوتهم.
  {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} يوم القيامة لأنهم أضاعوه ولم يحفظوه فيطالبون به كما يدعون إلى السجود فلا يستطيعون فهو تقريع لهم وإظهار لنكثهم في موقف الحساب.
  (١٦) {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا} هذا راجع إلى قوله تعالى: {إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا} وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ ..} في إفادته أنهم فروا.
  {قُلْ} للذين فروا وفائدة هذا لهم إن أطاعوا ولغيرهم {لَنْ يَنْفَعَكُمُ} لن ينجيكم {الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} فهو سواء الفرار من الموت والفرار من القتل، فالفرار لا يمنع الموت بل لا بد منه.