سورة الأحزاب
  لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ١٧ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا ١٨ أَشِحَّةً
  وهذا لأن الفرار يكون الباعث عليه خوف الموت وحب الحياة من غير نظر إلى أن الفرار لقليل من الحياة بقي من العمر يحافظ عليه الهارب فهو لا ينوي ذلك فمن أجل أن فراره لحب الحياة وكراهة أن يفارقها أمر الله رسوله ÷ أن يقول لهم لن ينفعكم لأنه لا بد لكم من الموت.
  وأما قوله: {وَإِذًا} أي وإن فررتم {لَا تُمَتَّعُونَ} إذا نجوتم من القتل لأجل الفرار {إِلَّا قَلِيلًا} لا يستحق الفرار من أجله لأن من فرّ {فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[الأنفال: ١٦] ثم هو عما قليل ميت، فقد أساء على نفسه الاختيار بل لو كان يعيش إذا فر آلاف السنين ثم يموت لكان قد أساء الاختيار لنفسه لأنه يصير إلى جهنم خالداً فيها أبداً وتلك السنين قليل بالنسبة إلى الخلود الدائم.
  (١٧) {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} {مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ} من ذا الذي ينجيكم منه من ولي يتولى رعايتكم وحفظكم فينجيكم أو نصير ينصركم فينجيكم منه {إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا} أو يرد رحمته إن {أَرَادَ بِكُمْ} ربكم {رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا} يغنيهم عن الله ويعصمهم منه {وَلَا نَصِيرًا} ينصرهم من الله فأنتم إنما تقلبون في قبضة الله فإن فررتم من القتال فلن تجدوا مهرباً من الله.
  وفائدة قوله تعالى: {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} التنبيه على أن باب التوبة مفتوح لهم ما داموا في الحياة الدنيا في مقام الاختيار فلم يغلق عنهم باب رحمة الله تماماً بل هم في دار الخيار بين أمرين إما سوء وإما رحمة.