سورة الأحزاب
  أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ١٩ يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ
  (١٩) {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} بخلاء عليكم بأنفسهم وبأموالهم يكرهون أن يعينوكم {فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ} يا رسول الله {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ} مما في أنفسهم من الكراهة لك، لأنهم يعتقدون أنك سبب الخوف، كما قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ}[النساء: ٧٨] {كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} من أثر الموت عند معالجته وسكراته فيغمى عليه بسببه.
  {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ} هتكوا أعراضكم وذموكم {بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ} ذات قدرة على الذم وصفت بأنها حداد لأنّ هتك العرض يشبه السلخ فناسبه ذكر حدة اللسان، وذلك لأنهم كالشاكين لما وقع بهم من الخوف وبزعمهم أن سببه رسول الله ÷ ومن معه فيذمونهم بغضاً لهم وعداوة لهم وللدين مثبطين بذلك عن نصرتهم.
  وقوله تعالى: {أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ} الذي هو نصر دين الله وجهاد أعداء الله الذي عاقبته خير الدنيا والآخرة لكن أعداء الله المنافقين والذين في قلوبهم مرض بخلاء على ذلك لا يجودون له ولا بكلمة من النصر والمعاونة فضلاً عن أن يجودوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
  {أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا} وهذا هو السبب الأصلي في كل عيوبهم وبخلهم بأنفسهم وأموالهم {فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ} لم يتقبل منهم حسنة واحدة لأن الإيمان شرط في قبول العمل، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}[الأنبياء: ٩٤].