التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحزاب

صفحة 75 - الجزء 6

  أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ٢٠ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ


  {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} لأنه الحق والحكمة في إحباط أعمالهم، ولعلهم كانوا مع تظاهرهم بالإيمان قد صلوا وأنفقوا قليلاً وقاتلوا قليلاً وذلك كله محبط.

  (٢٠) {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا} {يَحْسَبُونَ} أي {.. الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} لأنهم تخلفوا في المدينة وربما كان تخلفهم في بيوتهم فلم يشاهدوا الأحزاب حين ذهبوا راجعين إلى بلدانهم فهم يحسبون الأحزاب {لَمْ يَذْهَبُوا} لأن ذهابهم قبل أن يقاتلوا النبي ÷ ومن معه أمر خارق بالنسبة إلى كثرة الأحزاب وقوتهم المادية وشدة عداوتهم لرسول الله ÷.

  {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ} مرة ثانية {يَوَدُّوا} أي المنافقون والذين في قلوبهم مرض يودوا {لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} وهذا من خوفهم من الأحزاب، وكراهتهم للجهاد فيتمنون أنهم خارج المدينة بادون ساكنون في البدو يسألون وهم في البادية عن أنبائكم كيف حالكم مع الأحزاب، وهذا من جملة ما يتمنونه.

  فقوله تعالى: {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ} جملة حالية عاملها وصاحبها بادون الفعل وفاعله، أي بادون يسألون لأنهم يخافون {وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا} الأحزاب {إِلا قَلِيلًا} لكراهتهم للقتال والقليل إما لضرورة الدفاع عن بلدهم وإما لخوفهم من نزول القرآن في المتخلفين ومن عار التخلف عند المسلمين.