سورة الأحزاب
  يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ٢١ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا
  (٢١) {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} في (الصحاح): «ولي في فلان أسوة: أي قدوة وائتمام» انتهى، فجعل من يتأسى به المتأسي هو الأسوة.
  وفي (لسان العرب): «والأسوة والإسوة: القدوة، ويقال: ائتسِ به أي اقتد به، وكن مثله، الليث: فلان يأتسي بفلان أي يرضى لنفسه ما رضيه ويقتدي به وكان في مثل حاله، والقوم أسوة في هذا الأمر أي حالتهم واحدة إلى قوله: وتآسوا أي آسى بعضهم بعضاً قال الشاعر:
  وإن الألى بالطف من آل هاشم ... تآسوا وسنوا للكرام التئاسيا»
  انتهى، وهذا البيت في (الصحاح) أيضاً.
  وقوله تعالى: {حَسَنَةٌ} ترغيب في التأسي به، لأن الأسوة قد لا تكون حسنة وقوله تعالى: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ} بدل من قوله: {لَكُمْ} لأن من لا يرجو الله ليس يحب التأسي بل يكرهه، فالمعنى الخبر أن كل من {يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ} يتأسى برسول الله، لأن كل مؤمن لا يرى نفسه أعز من نفس رسول الله ÷ بل يحب أن يفديه بنفسه ورجاء الله تعالى رجاء فوائد الجهاد من الله مثل الهداية والنصر والثواب ورجاء اليوم الآخر رجاء رحمة الله فيه وثوابه والمراد المؤمن المتقي الذي يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه لتقواه لا المتمني بلا عمل {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} وهذه صفة المؤمن، والذكر النافع هو الذكر في النفس وبالقول كما أمر الله تعالى بقوله: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ..} الآية [الأعراف: ٢٠٥].