التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الأحزاب

صفحة 78 - الجزء 6

  


  وقد دخل في هذا العهد القتال مع رسول الله ÷ فصدقوا القتال معه من ذلك قتال أمير المؤمنين وحمزة يوم أحد، ومن ثبت معهما يوم بدر ومعهما عبيدة بن الحارث وغيره، وصدق ما عاهدوا الله عليه هو الثبات مع رسول الله ÷ وصدق القتال حيث تناول العهد القتال وصدق الثبات يوم الأحزاب، فالصدق تحقيق ما عاهدوا الله عليه بالثبات عليه و الجد فيه.

  وقوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} ذكروا للنحب معاني منها: الحاجة ذكره في (لسان العرب) ولعل منه قول الشاعر:

  ألا تسألان المرء ما ذا يحاول ... أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

  فمن هذا نيلهم للشهادة في سبيل الله لأنها كانت حاجتهم قال في (لسان العرب): «وفي التنزيل العزيز: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} وقيل: معناه: قتلوا في سبيل الله فأدركوا ما تمنّوا فذلك قضاء النحب - ثم قال -: وروى الأزهري عن محمد بن إسحاق في قوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} فرغ من عمله، ورجع إلى ربه هذا لمن استشهد يوم أحد {وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} ما وعده الله تعالى من نصره أو الشهادة على ما مضى عليه أصحابه» انتهى.

  فأما تفسير (النحب) بالموت، أو الشهادة، فإن تفسيره بالشهادة أقرب، من حيث أن المجاهد يراه واجباً عليه حتى النصر أو الشهادة وقد عد في (الصحاح) من معاني النحب الواجب.

  ويناسب كون المراد بـ {قَضَى نَحْبَهُ} استشهد ما رواه الحاكم الحسكاني: عن أبي إسحاق عن علي # قال: فينا نزلت {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ..} الآية، فأنا والله المنتظر وما بدلت تبديلاً، وذكر الحاكم الحسكاني مثله عن ابن عباس.