التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الزمر

صفحة 273 - الجزء 6

  كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ٥ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ


  ويستريح به بعض الراحة، وهو سبحانه غني لا يحتاج إلى الولد {هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ} ليس معه شريك ولا ابن ليس معه مشارك له في ربوبيته ولا في ألوهيته {الْقَهَّارُ} الغالب على أمره القاهر فوق عباده لا يحتاج إلى من يعينه من ولد أو غيره.

  (٥) {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} ما خلقهم عبثا فخَلْقُهُم هو مقدمة للآخرة لأنه خلقهم لكي يكونوا مقراً لمن يعبد الله، لأن العبادة هي الغاية من الخلق، قال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}⁣[الذاريات: ٥٦] {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} يبين قدرته العظيمة أنه قدر على خلق السموات والأرض وقدر على تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل يهجم الليل على النهار ويهجم النهار على الليل، وكل واحد يغطي الآخر.

  {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} على طول الدهر {كُلٌّ يَجْرِي} الشمس تجري والقمر تجري إلا أن الشمس تقطع المنازل في سنة والقمر تقطعها في شهر {لِأَجَلٍ مُسَمًّى} محدود عند الله وهو يوم القيامة الذي فيه ينتهي سيرهما.

  {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} {الْعَزِيزُ} الذي لا ينال، الغفار لمن تاب إليه ورجع إليه حين يذكر عزته، يشير بهذا إلى أنه سيجازي ويعاقب لكن يفتح الباب للتوبة لا يسد الباب عليهم يقول: {الْغَفَّارُ} كثير المغفرة لمن رجع إليه.