سورة الزمر
  لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ٦ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ
  (٦) {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} هو أبونا آدم ~ {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} آية ثانية، كل هذه دلائل قدرته سبحانه وفيها أمران: أولاً: أنه لا ينبغي أن يُجعل له أنداد التي قد تكون من الحجارة التي لا تسمع ولا تبصر، ثانياً: أنه قادر على البعث والنشور وهم أخطئوا في الاثنتين، فهو قادر على إعادتهم بعد الموت، ولهذا قال: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} فكيف لا يقدر أن يخلقنا مرة ثانية {ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا} من النفس الواحدة {زَوْجَهَا} كأنه خلق حواء من جزء من أجزاء آدم كأنها نبتت وتكونت فيه مثل ما يتكون بعض الحيوان في جسم الإنسان فأنشأها منه لا بطريقة الولادة.
  {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ} كأنه حين أنعم الله بها وأعطانا إياها كأنه اعتبره إنزالاً لكونه من عنده فسمى العطاء إنزالاً {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} فصّلها في (سورة الأنعام) {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} يخلقكم بقدرته أنتم والأنعام {خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} خلقا من بعد خلق حينما يكون عظاماً من بعد ما كان مضغة، ومضغة بعد ما كان علقة، وعلقة من بعد ما كان منياً، خلقاً متطوراً في ظلمات ثلاث هي: ظلمة الجلد، وظلمة الرحم، وظلمة ما بينهما هذه ظلمات ثلاث يصورنا كيف يشاء سبحانه، وهذه قدرة عظيمة.
  {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} ذلكم الله الذي خلقكم، والذي كور الليل على النهار والذي سخر الشمس والقمر، والذي خلق السموات والأرض هو الله ربكم المالك لكم لأنه الذي خلقكم فإذا كان هو ربكم فلا تعبدوا غيره لأن معنى العبادة هو الاعتراف بالعبودية، لأنا لسنا عباداً لغير ربنا الذي هو مالك لنا.