سورة الزمر
  خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ٨ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ
  {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ} وحده {مَرْجِعُكُمْ} يوم القيامة يحاسبكم ويجازيكم {فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} لأنه عالم بما تعملون من صغير وكبير وقديم وحديث هو عالم به لا ينسى سبحانه، ويوم القيامة ينبئكم به ويجازيكم {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} عالم بالمكنون الخفي في الصدور.
  (٨) {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ} عندما يصيبه الضر يلجأ بالدعاء إلى الله فالشرك ليس إلا ظاهرة تعصب وقولاً بالألسنة وإلا فليس له حقيقة في وجدان الإنسان ولهذا فإنه إذا مسه الضر الشديد يرجع إلى الباري ولا يرجع إلى الأصنام {ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ} مَلَّكه {نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} لأنه كان يقول: {لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[يونس: ٢٢] ثم نسي حينما عادت النعمة نسي أنه يشكر الله ونسي ذلك الذي كان قد وعد به من قبل {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا} كأنها طبيعة في الناس غير المؤمنين، الإقتداء بأهل الأنداد، والأنداد هم هؤلاء الأصنام الذين يجعلونهم شركاء لله {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ} ما كفاه أنه يضل لوحده هو بل يريد أن يضل غيره.
  {قُلْ} يا رسول الله لهذا الذي جعل لله أندادا ليضل عن سبيله: {تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ} هذا الكلام تهديد مثل: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠] {قَلِيلا} ليس أمدك في الحياة إلا قليلاً وينتهي، ثم تصير إلى الله {إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} ثم تصير إلى النار.