التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الزمر

صفحة 279 - الجزء 6

  الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ١٥ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ


  بمعنى إسلام النفس لله، كما قال: {وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ} لأن السَّلَم هو الخالص، وأسلم: أخلص نفسه لله لم يرتض أن يجعل فيها شركاً لغيره.

  (١٣) {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} لابد أن أبلغ رسالاته وأقوم بما أمرني به وأبين لكم بطلان الشرك وبطلان أمور الجاهلية كلها التي أنتم فيها هذا تكليفي من الله أخاف إن توانيت فيه عذاب يوم عظيم.

  (١٤) {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} قلها مرة ثانية تأكيداً أني لا أعبد إلا الله وحده مخلصاً له عبادتي.

  (١٥) {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} ستصيرون إليه فيجازيكم {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} هذا يبين أنكم إذا عبدتم غيره فإنكم ستكونون يوم القيامة خاسرين تخسرون أنفسكم أي لا تبقى حياتكم ملكاً لكم يوم القيامة فالمجرم يوم القيامة لا يعاد خلقه إلا ليعذب فقط وهذه هي خسارته لنفسه، كما أنه يخسر أهله لأنه لا يكون بينه وبين أهله أية علاقة فلا يبقى له أهل ولا أولاد ولا زوجة انقطعت العلاقة، وافترقوا فراقاً أبدياً، فهذه خسارته لأهله، كما قال: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ۝ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ}⁣[عبس: ٣٤ - ٣٥] {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}⁣[الزخرف: ٦٧].

  {أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} ألا ... حرف تنبيه استدعاها إعراضهم وجهلهم، ذلك الخسران البين لأنه دائم وقد خسر نفسه ولم تعد حياته له بل لجهنم نعوذ بالله.