التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الزمر

صفحة 280 - الجزء 6

  يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ١٦ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ ١٧ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ١٨ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩


  (١٦) {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} لهب النار من فوقهم ومن تحتهم مثل الظلل {ذَلِكَ} العذاب المذكور {يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} يصفه لهم لأجل يحذروا {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} يأمرهم الباري بالتقوى، لأن عذابه شديد لا أشد منه، قال: {فَيَوْمَئِذٍ لاَ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ}⁣[الفجر: ٢٥].

  (١٧) {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} المؤمنون الذين اجتنبوا الطاغوت الأصنام والشركاء مهما كانوا بشراً أو غيرهم أن يعبدوها {وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ} رجعوا إلى الله {لَهُمُ الْبُشْرَى} أما هم فهم بخلاف ما عليه أهل النار، هؤلاء لهم البشرى {فَبَشِّرْ عِبَادِ} معناه بشر عبادي المؤمنين لأنهم اختصوا بمزية العبودية، مثلما قال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا}⁣[الفرقان: ٦٣] وقد بيّن من هم فقال:

  {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} أي القرآن وكلام الرسول ÷ {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}

  (١٨) {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} أي القرآن وكلام الرسول ÷ {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} هذا لأنهم لا يريدون إلا الحق فهم يستمعون له ويصغون له بصدق {فَيَتَّبِعُونَ} ما أحسن هذه الآية في سلاستها وتركيبها حين قال: {يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} فكان مناسباً ذكر الإتّباع بعد ذكر الاستماع {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} وهو المحكم منه الذي اتضح أنه الحق.

  {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ} هؤلاء الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه هداهم حينما سعوا للهداية أولاً {وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} هم أهل العقول لأنهم هم الذين استعملوا عقولهم.