سورة الزمر
  لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ٢٠ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ٢١ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ
  (١٩) {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ} الذين استحقوا كلمة العذاب، وهي قوله: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[هود: ١١٩] وهي تعني أنه قد حكم عليه بالخلود في النار قد صار من أهلها، والجواب محذوف تقديره: فليس سواء هو والمؤمن المتقي الذي يستمع القول فيتبع أحسنه {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} الرسول ÷ لا يقدر على إنقاذه؛ لأن الحكم لله وحده لا يستطيع أحد يوم القيامة أن ينفع أحداً كما قال سبحانه: {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ}[الطارق: ١٠] لا الرسول ولا غيره.
  (٢٠) {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} هذا يبين: أن القيامة هي الحق، حين جعل لكلٍ ما يستحق على ضوء ما قدم لنفسه، فالمؤمنون {لَهُمْ غُرَفٌ} في الجنة {مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} مسقوفة {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} منظر جميل حين يرى الأنهار وهي جارية من تحته {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} وَعَدَ الله وعدا لا بد منه لا يتخلف وعده هذا للمتقين.
  (٢١) {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ} هذا من نعم الله وقدرته؛ لأنه جمع بين الدلالة على قدرته وعلى نعمته {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} فالماء هذا سلكه، جعل له مجاري في بطن الأرض ليكون {يَنَابِيعَ} أي عيوناً نابعة.