التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة فصلت

صفحة 337 - الجزء 6

  الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ٩ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ١٠ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ


  (٩) {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} لأن كفرهم بالآخرة يكون مبنياً على استبعاد القدرة على إعادة الأجسام بعد تبددها في الأرض وضياعها بين التراب، فمعناه إذاً: الكفر بقدرة الله، فمن هنا كانوا كافرين بالله سبحانه حين كفروا بقدرته، ومع أنه سبحانه لا يقاس بالمخلوقين في قدرته، فقد خلق الأرض في يومين على ضخامتها وكبرها وهذا دليل على قدرة عظيمة.

  {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} كذلك هنا اجتمعت فيهم جريمتان جريمة إنكار الآخرة وجريمة أنهم جعلوا له أندادا بسبب جهالتهم جعلوا المخلوقات الضعيفة التي لا تنفع ولا تضر أندادا لله سبحانه {ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ} الذي خلق الأرض في يومين القادر على كل شيء هو رب العالمين المالك لهم فليس له أنداد.

  (١٠) {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} عطف على خلق الأرض في يومين، الرواسي هذه الجبال الثابتة الراسخة في أماكنها {وَبَارَكَ فِيهَا} الأرض جعل فيها ما يحتاج إليه الإنسان في حياته وجهزها له {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} كأنه يعني بذور الحبوب الفواكه يعني أصولها جعلها في الأرض في ذلك الوقت إعداداً للإنسان {فِي أَرْبَعَةِ} خلق الجبال في أربعة أيام وخلال هذه الأيام لم يشغله شأن عن شأن {أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} هذه الأيام مستوية لأن الأيام تختلف أحيانا تطول وأحيانا تقصر فهذه أربعة أيام سواء مستوية.