التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشورى

صفحة 359 - الجزء 6

  وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ١٢ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ١٣ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ


  في هذا الزواج، المزاوجة بين الذكر والأنثى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لا يقاس به شيء من الأصنام ولا غيرها سبحانه {وَهُوَ السَّمِيعُ} لكل كلام {الْبَصِيرُ} وبصير بكل شيء لا يخفى عليه شيء من المرئيات.

  (١٢) {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} المملكة له مفاتيحها له كأنه تمثيل لأن من يملك المفاتيح فالخزائن له ومعنى هذا أنه المالك للسموات والأرض وما فيهن فالكل عباده، {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} لمن يشاء على ما أراد من الرزق {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} من أحوال المكلفين وغيرها فقد تكون المصلحة للإنسان في بسط الرزق وقد تكون المصلحة له في التقدير، فهو بكل شيء عليم يجعلها على ما تقتضيه الحكمة.

  (١٣) {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} من قبلنا {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} يعني شرع لكم الذي أوحينا إليك وهو ما في القرآن والسنة {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} كله شرع واحد {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ} أقيموا دين الله بإحيائه والعمل به واجتناب الميل إلى الباطل حتى يكون الدين قيما لا عوج فيه {وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} فهذان أمران شرعهما للأنبياء جميعاً نبينا ÷ ومن قبله، وهما إقامة الدين، وترك التفرق فيه، لأنه دين واحد دين الله، فالتفرق فيه يستدعي العدول عن الطريق المستقيم من قبل البعض، ولعل من التفرق في الدين ما عليه الناس اليوم من تعدد المذاهب واختلاف العقائد.