التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشورى

صفحة 362 - الجزء 6

  عَذَابٌ شَدِيدٌ ١٦ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ١٧ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ١٨ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ


  (١٦) {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} من بعد ما نزل القرآن وقامت الحجة على عباد الله وبعد ما استجاب له المؤمنون، وبعد أن تجلى الحق، فهؤلاء الذين يحاجون في الله {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ساقطة باطلة لا تنفعهم يوم القيامة {وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} نعوذ بالله من غضبه.

  (١٧) {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ} الكتب كلها لأنه يطلق هذا الاسم على الكتب جملة لأنه مصدر {بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} إنزاله حق، والميزان كأنه الهدى الذي به بيان العدل، وكيفية العدل، مثل ما قال: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}⁣[الحديد: ٢٥] {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} ما يدريك يا رسول الله لعل الساعة - التي ينكرها الكفار ويستعجلون بها - قد اقترب وقتها.

  (١٨) {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} حينما يقولون: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}⁣[يونس: ٤٨] وغيرها {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} حذرون خائفون، الإشفاق: حذر يسببه الخوف، ومقتضى هذا أن الذي لا يشفق منها لا يكون مؤمنا لأن الإيمان يكون إيماناً بالجنة وإيماناً بالنار وهذا ما يبعث على الخوف من النار، والرغبة في الجنة، فهذا يستدعي الحذر من النار؛ لأنها عذاب شديد.