التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشورى

صفحة 363 - الجزء 6

  الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ١٩ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ٢٠ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٢١


  {أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ} الذين يمارون يجادلون ويشككون في الساعة {لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} في تيه وغفلة شديدة، فلابد أن يعلم الإنسان أن الساعة حق ليحذر من النار، لأنها أمور عظام عظام، من المفروض أن يسهر الليل، ولا يتهنأ بطعام ولا شراب، ولا يستقر ولا يهدأ له بال من خوف النار، لكن الإنسان في غفلة شديدة، فكيف بمن يشكك فيها لكي يضل الناس حتى لا يؤمنوا بها فهي غواية بعيدة.

  (١٩) {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} ولهذا يجعل لهم الإنذار والتحذير والرسل رحمة بعباده لئلا يدخلوا النار إذا قبلوا وإن عاندوا فهم من جنوا على أنفسهم {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} هو الرزاق سبحانه {وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} القوي القادر على كل شيء، العزيز الغالب الذي لا ينال.

  (٢٠) {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ} وهو طاعة الله وتقواه {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} نزده هدى {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا} غرضه الدنيا لا يبالي بالآخرة {نُؤْتِهِ مِنْهَا} نؤته منها ما أردنا من قليل أو كثير مثل ما قال: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ}⁣[الإسراء: ١٨] {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} لأنه كان يريد الدنيا فما بقي له في الآخرة ثواب.

  (٢١) {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ} حين لم يقبلوا شرع الله {أَمْ} بمعنى بل والهمزة وهو إضراب وسؤال إنكار {شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} لا شيء من هذا، لم يشرعوا شيئاً، ولم يقولوا شيئاً.