التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشورى

صفحة 369 - الجزء 6

  لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ٣٣ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ ٣٤ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ٣٥ فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٣٦ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ


  (٣٣) {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} لو شاء أن يسكن الرياح - وهي التي تسوقها ولم تكن يوم ذاك محروقات تدفعها - لظلت راكدة في النهار حين قال: {فَيَظْلَلْنَ} لأن الظلول يكون في النهار {رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} على ظهر الماء، وهذا مشقة شديدة حيث تنقطع بهم السبل وتصهرهم الشمس بحرارتها {إِنَّ فِي ذَلِكَ} تسخيرها لتطفو على وجه الماء مع ثقلها، وتسخيرها لتدفعها الرياح لتقطع المسافات البعيدة {لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} للذين يعقلون ويفهمون الآيات ويؤمنون بها، وينتفعون بها، الصبارين على طاعة الله وعلى بلائه، الشاكرين له على نعمه.

  (٣٤) {أَوْ يُوبِقْهُنَّ} لو أراد أن يوبقهن أي يهلكهن، وليس فقط يظللن رواكد على ظهر البحر {بِمَا كَسَبُوا} بذنوبهم {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} مما يكونون مستحقين له أكثر من إهلاكهن.

  (٣٥) {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا} حين تأتيهم المصيبة هذه يعلمون {مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} ليس لهم ملاذ ينفعهم لا شركاؤهم ولا الذين يدّعون أنهم ينفعونهم.

  (٣٦) {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ} هذا ابتداء كلام ... ما أوتيتم في هذه الدنيا {فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} ليس إلا متاعاً قليلاً وينتهي لأنه متاع، قال: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}⁣[النساء: ٧٧] لأنه قليل بالنسبة إلى الآخرة ولأنه مؤقت محدود ينتهي بالموت.