التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الشورى

صفحة 371 - الجزء 6

  ٤١ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٤٢ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ٤٣ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ٤٤ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ


  يبين بهذا أن قوله: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} لا يعني وجوب ذلك، ولكنه خلق وسجايا المؤمنين العفو عند المقدرة، وفي هذا أجر كبير وفضل عظيم، وكل ذلك لابد أن يكون في إطار المصلحة العامة للإسلام والمسلمين {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} فلذلك لا بأس بالجزاء والاقتصاص من المعتدي.

  (٤١) {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} بعد ما ظلم إذا انتصر على الظالم فما عليه من جناح أو مؤاخذة حين يقتص ممن بغى عليه.

  (٤٢) {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} هؤلاء هم الذين قامت عليهم الحجة حجة الله لأنهم ظلموا وبغوا وأفسدوا في الأرض فهم الذين يستحقون أن يعاقبوا أو يقتص منهم {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في الدنيا والآخرة.

  (٤٣) {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ} عفى عن الضعيف ومن تقتضي المصلحة العفو عنه {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} من الأمور المعزومة الشاقة والتي تحتاج إلى عزم وقوة إرادة وصبر، وهي فضيلة عظيمة لا تنال إلا بإرادة قوية مثل ما قال المتنبي:

  ذريني أنل ما لا ينال من العلاء ... فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل

  (٤٤) {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ} بأن يستحق الخذلان وتركه للشيطان يغويه {فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} ما بقي له من ولي يتولاه ويحسن رعايته ويهديه،