التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الدخان

صفحة 405 - الجزء 6

  اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ١٢ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ١٣ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ١٤ إِنَّا كَاشِفُو


  ولا أظن أن ذلك قد حصل، لأنه لو كان قد حصل لاشتهر بين الأمة، وبعضهم قالوا إنه قد حصل أيام كان النبي ÷ في مكة، وأنه دعا على قريش وجاء عليهم سنون شديدة وعمهم هذا الدخان ونسبوا الخبر إلى ابن مسعود.

  وقوله: {فَارْتَقِبْ} مثل قوله: {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ} يصح أن يرتقب ولو لم يدركه، بل يحتمل: أن يدركه وأن لا يدركه، ولا يعني {فَارْتَقِبْ} سوى الدلالة أنه أمر مستقبل.

  (١١) {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} يصف هذا الدخان أنه {يَغْشَى النَّاسَ} ويقولون: {هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} لأنه يضايقهم جداً.

  (١٢) {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} حينها لجئوا إلى الباري على عادة البشر إذا جاء أمر عظيم يلجئون إليه {إِنَّا مُؤْمِنُونَ} إما في تلك الحال صاروا يدعون أنهم مؤمنون لكي يكشف عنهم العذاب وإما في المستقبل القريب سنؤمن فاكشفه عنا.

  (١٣) {أَنَّى} من أين {لَهُمُ الذِّكْرَى} لأنهم قد كانوا خذلوا وأوصدت دونهم أبواب الهداية {وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ} جاءهم وجاء أسلافهم الذين في وقت الرسول ÷ وهم على طريقتهم في التكذيب والكفر، فالآية كقوله تعالى: {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ}⁣[البقرة: ٩١] {مُبِينٌ} بين واضح أنه رسول بما يحمله من الآيات، ولكنهم كذبوه قالوا ساحر ومجنون.