التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الدخان

صفحة 406 - الجزء 6

  الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ١٥ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ ١٦ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ


  (١٤) {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ} وأعرضوا {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ} إنما هو معلم يتكلم بالكلام الذي علمه الآخرون ومجنون لا يعقل، ولكن كيف يكون مجنوناً وهو قد جاء بالحق لأن من شأن المجنون أن يخلط بين الحق والباطل!

  (١٥) {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} هذا بعد ما ينزل العذاب عليهم وبعد أن يطلبوا أن يكشف عنهم ويعدوه بالإيمان قال: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ} سنكشف هذا الدخان {قَلِيلًا} مدة قليلة في هذه الحياة الدنيا {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} لأنكم سوف ترجعون إلينا ونجازيكم الجزاء الأوفى.

  (١٦) {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يمكن أن يكون المقصود أنه ظرف للعودة أي عائدون في {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} في القيامة البطشة الكبرى حين تملأ جهنم من الجنة والناس هذه البطشة الكبرى، قالوا في حديث: «إن الله يقول لآدم: اخرج بعث النار من ذريتك فيقول كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون» بعث النار: بمعنى لا ينجو من النار إلا واحد من كل ألف من ذريته، هذه بطشة كبرى، وقد بين القرآن كثرة أهل النار، انظر إلى سورة الواقعة كيف جعل الناس ثلاثة أقسام والقسم الثالث لم يقل فيه ثلة ولا قليل بل كل الباقين، قال في السابقين: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ ۝ وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ}⁣[الواقعة: ١٣ - ١٤] وقال في أصحاب اليمين: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ ۝ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ}⁣[الواقعة: ٣٩ - ٤٠] أما أصحاب الشمال فهم من تبقى فبين أنهم أمم كثيرة {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} ينتقم ممن تمرد عليه في الدنيا وعاداه لأن معاداة دينه معاداة لله.