التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة محمد

صفحة 449 - الجزء 6

  عَرَّفَهَا لَهُمْ ٦ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ٧ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ٨ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا


  يرجعون؛ لأنه قال: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ}⁣[التوبة: ١٤] {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} القتال فائدة لكم لأن الذين قاتلوا في سبيل الله لن يضل أعمالهم لا يضيعها عليهم بل ستحفظ لهم وتنفعهم يوم القيامة وكذلك تنفعهم في الدنيا، وهذا التفسير يتناسب على القراءتين، أما {قَاتَلوا} فواضح، وأما {قُتِلُوا} فالمعنى: أصيبوا بقتل بعضهم.

  (٥) {سَيَهْدِيهِمْ} هداية في الدنيا بسبب الجهاد؛ لأنه قال: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}⁣[العنكبوت: ٦٩] {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} يمكن أن الأقرب في هذا إصلاح ضمائرهم باليقين والإخلاص أو يصلح بالهم يصلح حالهم بمعنى يعيشون حياة طيبة.

  (٦) {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ} هذا بسبب أنهم جاهدوا في سبيل الله {عَرَّفَهَا لَهُمْ} أحد المعنيين إما عرفها لهم بمعنى: أنه يدخل وهو عارف لممتلكاته وجناته وقصوره وكل ما أعد الله له. وإلا عرفها لهم من العَرْف لأن عَرفها طيب قالوا ريحها يوجد من مسير خمسين سنة، والإمام الهادي فسر العرف في {عَرَّفَهَا لَهُمْ} بهذا من العرف أي الطِّيْب قال: بمعنى طيبها لهم، ولكنه فسر الطيب مرة ثانية بإكمال ما فيها من النعيم ولم يخصه بالرائحة الطيبة.

  (٧) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} هذا حث على الجهاد {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ} بأن تجاهدوا في سبيله لإحياء دينه وحماية دينه، فهو سينصركم {وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} في الجهاد يعني يثبت أقدام الإنسان مثل ما قال: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا}⁣[الأنفال: ١٢] لأن الإنسان إذا ثبت كان أقرب إلى السلامة من بأس العدو، وإذا تعثر وسقط كان مظنة أن يقتل في الحال.