التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة محمد

صفحة 453 - الجزء 6

  إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ١٦ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ


  {وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} الذي يشربها يجد فيها لذة ليست كريهة فيشربها للتلذذ بشربها {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} خالص من الشمع ومن الشوائب {وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} أنواع الثمرات وهي كثيرة جداً الفواكه وغيرها {وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} ولهم فيها مغفرة من ربهم وهي أفضل ما هنالك، فبها ينجون من العذاب ويخلدون في الجنة لأنهم صاروا في رضوان الله {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} أهم سواء، هذا وصف للجنة التي وعد المتقون فهل يستوي حال من هو خالد في النار مع حال من هو خالد في الجنة؟ كلا ... لا يستوون - نعوذ بالله - الخلود في النار أمر عسر جداً، لو لم يمكث فيها المعذب إلا يوماً واحداً لكان ينبغي أن يحذره طول عمره فما بالك إذا كان مئات السنين وآلاف السنين ملايين السنين - نعوذ بالله - {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} مقابل شراب أهل الجنة الأنهار المذكورة.

  (١٦) {وَمِنْهُمْ} هؤلاء الكفار {مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} حين تقرأ القرآن وحين تأتي الناس بالهدى من عند الله تبلغهم {حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} ماذا قال قبل قليل؟! بينما لم يخرجوا من عنده إلا قبل لحظات، هكذا يكون حال الواحد منهم لأن قلبه غافل، ولا اتساع فيه للموعظة ولا رغبة لديه في الهداية بل يمر على مسامعه ولا يفهمه أو ينسى بسرعة {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} ختم عليها فلا يدخلها الهدى هذا تمثيل فقط {وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} هذا هو السبب في ذلك اتباع الهوى هو الذي أضلهم كما قال: {وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[ص: ٢٦].