التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الفتح

صفحة 466 - الجزء 6

  وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٩ إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ١٠ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا


  (٨) {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} على من رأيت من قومك، لأنه قال: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا}⁣[النساء: ٤١] يشهد يوم القيامة على من رآه بما رآه إما خيراً وإما شراً {وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} تبشر المؤمنين بالجنة، ونذيراً تنذر أعداء الله بالنار.

  (٩) {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} أرسلنا الرسول لهذا الغرض لتؤمنوا بالله ورسوله {وَتُعَزِّرُوهُ} تعضدوه، وتنصروه، وتقووه {وَتُوَقِّرُوهُ} تعظموه أي الرسول ÷، كأن الضمائر هذه عائدة للرسول {وَتُسَبِّحُوهُ} تسبحوا الله التسبيح هو التنزيه لله سبحانه عن كل نقص {بُكْرَةً وَأَصِيلًا} بكرة أول اليوم من الصباح، وأصيلا من بعد الظهر إلى وقت المغرب، والتسبيح هو من أفضل الذكر لما يعنيه من التقديس والتنزيه والتعظيم له جل وعلا، وقد خصه الله بالذكر في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ۝ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}⁣[الأحزاب: ٤١ - ٤٢].

  (١٠) {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} هذا الكلام عن (بيعة الحديبية) ومعنى مبايعتهم لله التمثيل لتحقيق أنها له، وكانت مبايعة على الثبات في القتال مع الرسول ÷ حتى النصر أو الشهادة {فَمَنْ نَكَثَ} العهد هذه البيعة {فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} ضرها عليه {وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} أن يثبت ولا يفر {فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} وعندما هرب بعضهم ناداهم العباس بأمر النبي ÷ في يوم حنين كما روي: يا أهل الشجرة، ذكَّرهم العهد فقالوا: لبيك ... لبيك، ورجعوا مسرعين.