التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحجرات

صفحة 481 - الجزء 6

  الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ٧ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٨ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي


  (٧) {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} هذا مقدمة لقوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} فيكم رسول الله ليس كغيره لأنه يتنزل الوحي عليه، وعنده نظر ثاقب ورأي صائب فلو كان يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم لأصابكم العنت، العنت شدة الضر {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ} جعله محبوباً تأنسون به، لأن المؤمن يحب الإيمان ليدخل الجنة وينجو من النار {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} جعله حسنا جميلا في قلوبهم وهذا شأن المؤمن الذي يؤمن بالجنة والنار.

  {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ} الكفر: مثل كفر النعمة والجحود بالرسول أو بالقيامة كل هذا الكفر مكروه عندهم تنفر منه قلوبهم {وَالْفُسُوقَ} كذلك الخروج عن طاعة الله إلى حد الخبث والفجور {وَالْعِصْيَانَ} عصيان الرسول فيما دون ذلك فهذه كلها قد كرّهها الباري لديهم وهذه نعمة من نعمه يتمنن عليهم {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} بسبب هذه النعمة قد صار الإيمان سهلاً، وإذا جاءت منهم زلة يتوبون.

  (٨) {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} فضلاً من الله حين أنعم عليهم بأسباب الجنة وما يؤدي إليها ونعمة عاجلة في الدنيا تصلح بها دنياهم {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} يضع الأمور في مواضعها ويهدي من كان مظنة أن يهتدي على ما يعلم هو وعلى ما تقتضيه حكمته.