التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة ق

صفحة 495 - الجزء 6

  الشِّمَالِ قَعِيدٌ ١٧ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ١٨ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ١٩ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ٢٠ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ٢١ لَقَدْ كُنْتَ فِي


  ثانياً: إحاطة علمه سبحانه بكل شيء بكل خفي حتى ما توسوس به نفس الإنسان، كما أنه سبحانه أَقْرَبُ إلى الإنسان مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وهذا تمثيل لكونه لا يخفى عليه شيء من أمر الإنسان، وأنه ليس بعيداً عنه.

  (١٧) {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} كأنه بمعنى اذكر حين يتلقى ... وفيه لفتة إلى ضرورة الإعداد لليوم الآخر، والمتلقيان هما الملكان الكاتبان لأعماله {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ} عن اليمين ملك وعن الشمال ملك مهمتهما تسجيل كل قول نطق به وكل عمل عمله من خير أوشر {قَعِيدٌ} يبقى معه أينما حل وارتحل مثل الجليس.

  (١٨) {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ} لكون الإنسان معد للآخرة وسيحاسب يوم القيامة فالحافظان موجودان يرقبان كل كلمة وحركة {عَتِيدٌ} أي حاضر معدّ لكتابة ما سمع.

  (١٩) {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} لكون الإنسان أيضا معَد للآخرة لابد أن يموت، فالسكرة جاءت الإنسان بالحق لأنها حق من الله سبحانه أحكم الحاكمين {ذَلِكَ} أيها الإنسان {مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} ما كنت تهرب منه من قبل كأنه ليتذكر الإنسان مدى هوانه وذلته حين يشعر بأنه أصبح فريسة للموت ولا يقدر أن يدفع الموت عن نفسه.

  (٢٠) {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} هذه النفخة الثانية كأنه يعني الصيحة في قوله: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ} {ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} اليوم الذي وعد الله به وتوعد العصاة.