سورة ق
  فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ٣٥ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ ٣٦ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ٣٧ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا
  (٣٤) {ادْخُلُوهَا} ادخلوا الجنة {بِسَلَامٍ} كأنه يسلّم عليهم خزنتها يقولون: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}[الزمر: ٧٣] تكريماً لهم {ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} الخلود هنا كأنه بمعنى السلامة من كل آفة ومن كل شر، مثل ما قال امرؤ القيس:
  وهل يعمن إلا سعيد مخلد ... قليل هموم ما يبيت بأوجال
  (٣٥) {لَهُمْ} للمتقين {مَا يَشَاءُونَ فِيهَا} ما أرادوا فهو موجود في الجنة {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} عند الله مزيد أكثر مما تطلبه نفوسهم كأنه من أنواع النعيم الذي لا يعرفون عنه شيئاً بعد، كما قال: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧].
  (٣٦) {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} رجع الكلام إلى هؤلاء الكفار الذين قالوا: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} {هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا} أشد من هؤلاء الذين في وقت النبي ÷ في البطش كانوا جبارين {فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} بحثوا عن أي ملجأ أو مفر من عذاب الله فما وجدوا من ملاذ ولا من محيص.
  (٣٧) {إِنَّ فِي ذَلِكَ} تعذيب الأمم الماضية، أو إن في ذلك: الكلام الذي قلناه من أول السورة واحتججنا به عليهم {لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} لأنه احتجاج نافع مفيد لأهل القلوب الواعية {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ} يستمع للقرآن {وَهُوَ شَهِيدٌ} قلبه حاضر.