سورة النجم
  أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ١٢ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ١٣ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ١٤ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ١٥ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ١٦ مَا
  (١٢) {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} هذا إنكار عليهم حين انطلقوا يمارونه ويجادلونه ويشككون عليه في شيء قد تيقنه ورآه رؤية حقيقية ببصره وقلبه.
  (١٣) {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} هذه ليست هي النزلة الأولى، بل قد نزل إليه جبريل # مرة أخرى.
  (١٤) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} رآه عند {سِدْرَةِ} والسدرة: شجرة العلب يسمى ثمرها الدوم أو النبق {الْمُنْتَهَى} لعله منتهى جبريل حين نزل إلى الأرض هذا أقرب عندي، وكأن الآخرين من المفسرين اعتمدوا روايات غير موثوقة حين جعلوا سدرة المنتهى شجرة فوق السبع السموات؛ لأنه قال: {نَزْلَةً أُخْرَى} فصرح بالنزلة، وكذلك اعتمدوا في تحديد مكان السدرة على روايات في تفسير قوله: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}
  (١٥) {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} فجعلوا الجنة حقيقة هناك فوق السبع السموات، لكن الجنة عرضها السموات والأرض فكيف يمكن تحديدها بأنها هي عند سدرة المنتهى، لا أن سدرة المنتهى عندها! هذا بعيد، وعندي أن المقصود أن هذا الوحي الذي جاء به جبريل حين نزل فكأنه جاء بالجنة لأنه جاء بتعريف طريقها وتعليم أسبابها مثل ما قال في الحديث: «الجنة تحت ظلال السيوف» «الجنة تحت أقدام الأمهات» بمعنى سبب الجنة، كما يبعد أن تكون بمعنى بستان في مكان ما في الدنيا، وكذا كونها جنة مؤقتة في السماء تستقر فيها أرواح الأنبياء والشهداء لأنه قال جنة المأوى ولا من جنة مأوى إلا المعهودة التي قال في (سورة النازعات): {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}[آية: ٤١] والله أعلم.