التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة النجم

صفحة 538 - الجزء 6

  أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ٣٢ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ٣٣ وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى ٣٤ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ٣٥ أَمْ لَمْ


  (٣٢) {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} يجتنبونها كلها {إِلَّا اللَّمَمَ} الزلات التي تأتي ولا يصرون عليها مثل ما قال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}⁣[آل عمران: ١٣٥] فهذا عندي أنه اللمم بمعنى أن تلك الزلة إذا تابوا منها ولم يصروا عليها فإنها لا تخرجهم عن جزاء الإحسان هذا الذي قد وعدهم به.

  {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} يقبل التائب ولو تاب من ذنوب كثيرة، فهو واسع المغفرة {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} من التراب {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} الإنسان في بطن أمه يسمى جنيناً لأنه مخفي مستجن لا يُرى {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} لا يمتدح الإنسان نفسه أنه مؤمن متقي لا يعصي الله {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} لأنه يكفينا علمه إذا كنا مؤمنين فالباري هو العالم بنا لا يحتاج إلى التزكية.

  (٣٣) {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} تولى عن الحق هذا كأنه قصة لشخص ما ... تولى.

  (٣٤) {وَأَعْطَى قَلِيلًا} كأنه أعطى عطية لواحد على أن يحمل عنه ذنوبه، جهالة منه {وَأَكْدَى} وأخيراً أكدى أي قطع ومنع ما كان يعطي من القليل، يقولون شاة مُكدِيَة حينما ينقطع لبنها.

  (٣٥) {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} هل هو عالم بأن غيره يمكن أن يحمل ذنوبه عنه حين يعطيه ذلك العطاء.