التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الواقعة

صفحة 32 - الجزء 7

  إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ٧٩ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ٨٠ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ٨١ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ٨٢ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ


  (٧٨) {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} كأنه كتاب في السماء أول ما أنزل للملائكة ليقرؤوه وكما في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}⁣[الزخرف: ٤] فهو أم الكتاب ربما هو يعني الكتاب المكنون قال الإمام القاسم بن إبراهيم # في وصفه: «سماويٌّ أحله الله برحمته أرضه».

  (٧٩) {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ذلك الكتاب المكنون لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، الذين طهرهم الله من الذنوب.

  (٨٠) {تَنْزِيلٌ} أنزله الله على رسوله {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} المالك وهم عباده، يدعوهم إلى الهدى ويحتج به على أعداء الله.

  (٨١) {أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ} هذا القرآن الذي هو بهذه الصفة من الحكمة والإحكام والإتقان العجيب، والذي قد سمعوه وعرفوا أنه أمر خارق {أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ} متساهلون فيه متهاونون به ترون أنه من السهل تكذيبه.

  (٨٢) {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} أي بسبب أنكم تكذبون، الراجح عندي في معناها أنهم كانوا يستدلون على كونهم المحقين بما هم عليه من التكذيب بآيات الله مغترين بنعم الله عليهم كما قال سبحانه: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا}⁣[مريم: ٧٣] استدلوا على أنهم أهل الحق بما أعطاهم ووسع عليهم من الدنيا حتى جعلوا التكذيب سبباً للرزق، وهذه أظهر عندي من الاعتماد - في تفسيرها - على رواية أنهم كانوا يقولون: مطرنا بنوء كذا ..