التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحديد

صفحة 50 - الجزء 7

  أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣ الَّذِينَ


  {ذَلِكَ} الجنة هذه العظيمة الواسعة {فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} بالهداية والتوفيق أي أن نفس الهداية لها والتوفيق إنما هو بفضل الله يؤتيه من يشاء فلا ينالها أحد إلا بفضل الله {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} عنده الفضل العظيم يلتمس منه، ويرتجى منه، ويطلب منه؛ لأنه عنده لا عند غيره.

  (٢٢) {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} مثل ما يصيب الأشجار من البَرَد أو الجراد وغيرها من الآفات والمصائب التي تأتي على الأرض {وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ} مثل الأمراض والموت {إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} كلها مقدرة لم تات صدفة بل قد قدره الله لنا ولأرضنا من قبل أن يخلق الأرض {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} تقديرها كلها على كثرتها.

  (٢٣) {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ} أخبرناكم بأن هذا كله مقدر من عندنا لكيلا تأسوا إذا علمتم أنه كله مقدر الضر في أنفسكم أو في الأرض لا مهرب منه {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} كذلك لأنه شيء مكتوب فلا ينبغي الفرح به يعني الفرح الذي يصحبه سرور واطمئنان، تطمئن النفس إلى الشيء، كأن الدنيا قد استقامت للإنسان إذا حصل له شيء منها، بينما في الواقع أنه لا يصفو للإنسان عيش فيها لأن المنغصات كثيرة ولا فرحة إلا وبعدها هم ولا صحة إلا وتبعها سقم هذا ما يجب أن نفهمه عن الدنيا، وأما السرور بغير اطمئنان وركون إليها فهو ضروري جبل عليه الإنسان وليس مذموماً {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} صاحب الخيلاء المعجب بنفسه، الفخور الذي يفخر على غيره، فهذا ليس محبوباً عند الله، ثم مضى في وصفه أيضاً: