التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الحديد

صفحة 52 - الجزء 7

  وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٦ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ٢٧ يَاأَيُّهَا


  مجالها الصحيح من قبل من ينصره ورسله بالغيب، يعني وهو لما يشاهد ما أعد الله لأوليائه المجاهدين في الجنة، وكانت قوة الإيمان بذلك هي الدافع الأساس {إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} فلهذا اختار للمؤمنين أن يجاهدوا في سبيله، واقتضت قوته وعزته أن ينصرهم.

  (٢٦) {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ} هما من ضمن الرسل حين قال: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا ..} وإنما خصهما بالذكر ليرتب عليه قوله: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} الأنبياء منهم والكتب تنزل عليهم {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ} من تلك الذرية من اهتدى بهدى الله، وآمن بالرسول والكتاب {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} لأنهم مالوا إلى الدنيا وهم من ذرية نوح وإبراهيم.

  (٢٧) {ثُمَّ قَفَّيْنَا} ثم أتْبَعْنَا {عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا} على آثار هؤلاء الذين هم من ذرية إبراهيم ونوح أتبعنا على آثارهم برسلنا، فالرسل كثير {وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} أتبعنا به وهو من أواخر الرسل المبشرين بمحمد ÷ وخصه بالذكر ليرتب عليه ما بعده من الحديث في الذين اتبعوه {وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ} آتى عيسى الإنجيل كما آتى موسى التوراة والأنبياء الكتب، فليس الكتاب الذي جاء به محمد ÷ بدعاً كما تقدم.