سورة المجادلة
  وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ٨ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا
  {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} هذا تمهيد للكلام في النجوى للدلالة على أنه رقيب على كل متناجين شهيد عليهم بما قالوا لا يخفى عليه شيء من كلامهم {وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} حتى لو اختفوا في أي مخبأ في الدنيا فهم تحت رقابته لا يخفى عليه كلمة من كلامهم {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وهذه هي النتيجة أنه يوم القيامة ينبئهم بما عملوا {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لا يخفى عليه شيء من عملهم لأن علمه محيط بكل شيء.
  (٨) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ} هذا تعجيب منهم لأنهم ارتكبوا خطأ عظيماً حين عادوا إلى النجوى، وخصوصا وقد تقدم النهي عنها {وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} نفس الذي نهوا عنه لا يزالون يتناجون به، الإثم وكأنه فيما يخصهم، والعدوان: الاعتداء على غيرهم، وكذلك يتناجون بمعصية الرسول قد يكون هذا بناء منهم على الكفر، وأنهم غير مؤمنين بأنه رسول {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} تحية اختلقوها هم معهم فيها نية فاسدة ولعلها قولهم: السام عليكم، السام: يعني الموت {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} جعلوها وسيلة للكفر حيث أضمروا في نفوسهم هذا القول، ومعناه: لو كان محمد رسولاً حقاً لعذبنا الله بما نقول لكونه يعلم سرنا {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ} رد عليهم بما قالوا في أنفسهم {حَسْبُهُمْ} بمعنى تكفيهم جهنم لا يشترط أن يعذبهم في الحال فجهنم هي المصير السيئ الذي لا أسوأ منه - نعوذ بالله منهاـ