التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المجادلة

صفحة 62 - الجزء 7

  آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٢ أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ١٣


  فإذا قيل لكم ذلك أياً كان القائل {فَافْسَحُوا} امتثلوا لأن فيه أجراً وثواباً {يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} قد يكون في الدنيا والآخرة {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا} أي قوموا وانصرفوا {فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} لامتثالهم للأوامر في التفسح والنشوز بدون أنفة، والمقصود بالذين أوتوا العلم هنا أولئك الذين قد استفادوا أكثر من غيرهم من المؤمنين الجدد وذلك لمدوامتهم على مجلس الرسول ÷ واستماعهم لتعاليمه بقلوب واعية حتى منحهم الله الهداية والعلم والحكمة {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} لا يخفى عليه من أعمالكم شيء.

  (١٢) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} قدموا صدقة قبل المناجاة، ولعل الهدف من ذلك هو التخفيف على النبي ÷ من كثرة المناجاة لأن الكثير يريدون مناجاته {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} تقديم الصدقة لأن الصدقة تطهرة من الذنوب {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} ما تتصدقون به {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} لا يضطركم إلى الصدقة ولا لترك المناجاة مع الإعدام، كما قال سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧].

  (١٣) {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} بخلتم عن تقديم الصدقة قبل المناجاة، لأنه لم يعمل بهذه الآية غير أمير المؤمنين علي # أما الباقون فقد تركوا مناجاة الرسول خشية تقديم الصدقة.