التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة المجادلة

صفحة 63 - الجزء 7

  أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ١٤ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ١٥ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ


  {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا} لم تطبقوا أمر الله بالتصدق قبل المناجاة {وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} أسقط عنكم هذه الفريضة وهذا الحكم {فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} لأن المهم أن تكون الصلاة قيمة كاملة بشروطها وفروضها وكذلك الزكاة لا ينقصون منها شيئاً {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في كل ما أمركم {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أطعتم أم عصيتم.

  (١٤) {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} نعوذ بالله، هذا التولي كأنه أشد الكبائر وأقبحها؛ لأن عقوبته هي الدرك الأسفل من النار والظاهر أن المقصود بهم المنافقون الذين تولوا اليهود المغضوب عليهم {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ} هؤلاء المنافقون الذين تولوا اليهود ما هم منكم أيها المؤمنون لأنهم خرجوا عن دائرة الإيمان بتولي اليهود فأنتم لا تثقون بهم، كما أنهم غير مقبولين لدى أوليائهم من اليهود فهم لا يثقون بهم فصاروا مذبذبين، وهذا من جهة الثقة بهم ليسوا من اليهود أما في الإثم ووحدة المصير فهم منهم، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}⁣[المائدة: ٥١] يعني في الإثم والعذاب {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ} مثلا يحلفون بالله إنهم ما قالوا إلا كلام حق وصواب لكي يغطوا نفاقهم وجرائمهم {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كاذبون متعمدون اليمين الفاجرة الغموس - نعوذ بالله -

  (١٥) {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} فهم أهل للعذاب الشديد في الدرك الأسفل من النار لأجل توليهم للكفار، ولأجل الأيمان الفاجرة، وسائر معاصيهم لله ورسوله.