التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجمعة

صفحة 102 - الجزء 7

  وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ٣ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٤ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ


  {وَيُزَكِّيهِمْ} يجعلهم أزكياء طيبين بعد ما كانوا جهلة في ضلال مبين {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ} بحيث يكتبون ويقرؤون الكتب، {وَالْحِكْمَةَ} يتعلمون الحكمة يكونون حكماء يضعون الأشياء في مواضعها، يهتم بهم توعية وتعليماً حتى يكونوا حكماء لتكون أقوالهم وأفعالهم على الصواب، يعني يدعوهم إلى هذا ويربيهم عليه، ما اقتصر فقط على التلاوة عليهم {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} لما كانوا عليه من الجهل ولا كتاب لهم ولا رسول وهم في جاهلية جهلاء يعبدون الأصنام ويأكلون الميتة ويئدون البنات ويحرمون بعض ما أحل الله وغير ذلك، فكانوا في أمس الحاجة إلى هذا الرسول الذي بعثه الله فيهم ليزكيهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور.

  (٣) {وَآخَرِينَ} بمعنى ويزكي آخرين ويعلمهم الكتاب والحكمة آخرين {مِنْهُمْ} من الأميين {لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} لما يوجدوا {وَهُوَ الْعَزِيزُ} سبحانه الغالب على أمره {الْحَكِيمُ} في تصرفاته كلها على الحكمة وهذا من حكمته إرسال الرسول {فِي الأُمِّيِّينَ} وإن غضب اليهود وكانوا يريدون الرسالة فيهم دون بني إسماعيل، والعطف في قوله {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} على الضمير في يزكيهم أو يعلمهم وليس على الأميين، لأنه يلزم أن يكون موجوداً فيهم وبينهم، وهم لما يوجدوا إلا بعد وفاته، فلم يبعث في الآخرين وإنما علمهم وزكاهم بواسطة نقل المعاصرين له.

  (٤) {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ} الرسالة التي تخرج الناس من الظلمات إلى النور هو فضل الله إحسانه {يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} لأن الحكم له والأمر له، يضع رسالته حيث يشاء ويجعل الكتاب والحكمة حيث يشاء {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} عنده فضل عظيم لا يطلب إلا منه، ويتوصل الناس إليه بالإيمان والطاعة.