التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الجمعة

صفحة 103 - الجزء 7

  لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ٥ قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ٦


  (٥) {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} هذا مثل لليهود حينما لم يعملوا بالتوراة التي أنزلت عليهم وحملهم الله إياها شبههم بالحمار يحمل أسفارا، أجزاء كأنها من التوراة نفسها، أو أسفار كتب أيِّ كتب، لكن الأقرب أن القصد من التوراة لأنهم يقولون في أجزائها: سفر كذا، وسفر كذا، وهي أسفار كما نقول القرآن أجزاء {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} وهو لا يعلم ماذا تحوي هذه الأسفار بينما ينوء بحملها على ظهره فكذلك اليهود لما لم يتعلموا التوراة ولا اتبعوها.

  {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} هذا مثلهم السيئ الذي انطبق عليهم، فلم تعد لديهم الصلاحية لجعل الرسالة فيهم وقد تركوا التوراة التي أنزلت هدى لهم وموعظة وتفصيلاً لكل شيء، وقد صار غيرهم أولى بأن يجعل فيه الكتاب والحكمة فجعلها الله في الأميين {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فلأنهم استمروا على ضلالهم، صاروا مستحقين لأن يتركوا عقوبة لهم.

  (٦) {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} اليهود {إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ} لأنهم يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه وأنهم شعب الله المختار {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} تمنوه لتذهبوا إلى الجنة مادمتم ترون أنها بانتظاركم وحدكم لأنكم إذا كنتم أولياء لله فلا بد أن تكونوا من أهل الجنة، والجنة خير لكم من الدنيا.