التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الطلاق

صفحة 129 - الجزء 7

  سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ٧ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ٨


  {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} حتى لو طالت المدة لأن الأجل أن تضع حملها فلزم أن ينفقوا عليهن حتى ذلك الحين {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} بعد أن تضع حملها {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} نفقة الحضانة، لأنها تضطر للاشتغال بالمولود ترضعه وتحفظه وتخدمه {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} مثلا إذا قصر الزوج هذا في بعض الحقوق عليه للمرأة فلابد أن يأمره ويرشده الذين حوله من المؤمنين فيتواصوا بالحق {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ} على الإجارة بأن طلبت أكثر مما ينبغي {فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} يسلمونهُ لمرضعة غيرها إذا رفضت هذه الأم أن ترضعه بإجارة معقولة.

  (٧) {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} بقدر حاله الذي عنده سعة وهو واجد ينفق بقدر حاله فلا يبخل ولا يقاصي {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} ينفق بقدر حاله لا يترك الإنفاق بحجة أنه مقل بل ينفق مما آتاه الله ولو قليلاً {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} بقدر ما آتاها قل أو كثر {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} فلينفق ويرجو من الله اليسر في المستقبل، فلا يوسوس له الشيطان أنه سيدخل نفسه في أزمة حين يدفع النفقة؛ لأن الله قد وعد باليسر بعد العسر.

  (٨) {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ} هذا ابتداء كلام في طاعة الله واتباع الرسل يقول: كم من قرية عتت عن أمر ربها أي تمردت على الله ورفضت طاعته واتباع رسله {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا} على ما قد وقع منها من المعاصي كلها أولها وآخرها {وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا} عذابا تنكره النفوس لشدته.