سورة الملك
  سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ٣ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ
  ثم قال تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ} لأنّ موقف الاختبار والتخلية ليس منافياً لعزته تعالى؛ لأنه مكّنهم على شرط الجزاء لمن لم يتب من الفجار بالعذاب، ولم يمكنهم تمكين إهمال يفسدون في الأرض ويتمردون على اللّه ويكذبون الرسل ويحاربون الدعاة إلى اللّه، ثم لا يجازيهم، ولهذا فلابد من الآخرة، ولابد من عذابهم وهو أعظم مقاصد السورة الكريمة، أو من أعظم مقاصدها، فقوله: {وَهُوَ الْعَزِيزُ} تقديم للوعيد.
  ثم قال: {الْغَفُورُ} لأنه يدعو إلى التوبة، يدعو الكفار إلى الإيمان والعبادة ليغفر لهم، ويتوعدهم ليخافوا عذابه ليتوبوا إليه فينجَوا من عذابه ويفوزوا بثوابه، فذِكْر العزّة مقرون بذِكْر الغُفران لهذا المعنى، لأن الوعيد الذي يأتي في السورة على معنى التحذير من الإصرار على الكفر.
  (٣) {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} هذا دليل على قدرته ليعلم الكافرون وغيرهم أنه قادر على كل شيء، فهو قادر على خلقهم مرة ثانية كما قال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا}[النازعات: ٢٧] وقال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}[غافر: ٥٧].
  وقوله تعالى: {سَبْعَ سَمَوَاتٍ} هي المخلوقات العليا التي سفلاهن سقف للأرض، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا}[الأنبياء: ٣٢] وقال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}[البقرة: ٢٢] والبشر يؤمنون بها، لبقاء ذكرها من النبوات الأولى، ولذلك قال نوح لقومه: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا}[نوح: ١٥] وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ..} إلى قوله تعالى: {.. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}[البقرة: ٢١ - ٢٢].