سورة الملك
  
  وذكر خلق السماوات في جملة آياته للبشر، وقد فسرت السماء: بأنها عالَم النجوم، وفسرت: بأنها الفضاء الواسع الرحب بما فيه من النجوم وغيرها، حتى فسر قوله تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}[نوح: ١٦] أي في مجموعهن. انتهى. ومعنى ذلك: أنها من السماوات، وهذان القولان أو هما قول واحد خلاف الظاهر عندي.
  وقوله تعالى: {طِبَاقًا} معناه متطابقة والمتطابقة قيل في معناه: المتماثلة في الاتساع وغيره، وقال الإمام الهادي #، كما حكاه الشرفي في (المصابيح): «ومعنى {طِبَاقًا} فهو طبقة فوق طبقة، ومعنى طبقة فوق طبقة، فهو سماء فوق سماء حتى ينتهي إلى السماء السابعة التي ليس فوقها سماء» انتهى، والأرجح عندي: الجمع بين المعنيين المذكورين هنا.
  وقوله تعالى: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} معناه: ما ترى في خلقه من اختلاف، والأرجح عندي هنا، أن المعنى: ما ترى فيه من تعارض وتدافع في الدلالة على اللّه والهداية إليه التي جعلها برحمته، ولهذا علّقه على قوله: {الرَّحْمَنِ} و (الخلق) إما أن يراد به السماوات، فكأنه تعالى قال: (ما ترى فيها من تفاوت) ولكنه أقام الظاهر مقام المضمر، ليفيد ذلك: أن كونها صنع الرحمن هو سبب عدم التفاوت وهذا أقرب؛ لأن السياق فيها.
  ويحتمل: العموم، والمراد به الخلق الثابت المستمر كالسماء والأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار، فهي كلها على نظام وتناسب محكم يدل على {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة: ٢٠] وأن {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ}[يس: ٨٣] يدبر أمره كيف يشاء، بل وكل المخلوقات فهي لا تتفاوت في أنها تدل على الخالق القدير الذي بيده الملك.