التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 153 - الجزء 7

  الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ١٢ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ١٣ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ


  (١١) {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} الذي هو التكذيب للرسول ÷، والتكذيب بالحجة على صدقه وبآيات اللّه الدالة على صدقه، وبكل ما أنزل اللّه، وما ترتب على ذلك من محاربة الدين، وفتنة المسلمين، وغير ذلك والإعراض عن النظر الصحيح عند سماع النذير {فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} سحقاً وبعداً، يقال ذلك فيمن أصابته مصيبة يستحقها، ومعناها: الرضى بما وقع عليهم وعدم المبالاة بهم، بل الرغبة في زيادة المصيبة عليهم، وفي (الصحاح): السُحق - بالضم - البعد، قال: «وأسحقه اللّه، أي أبعده» انتهى.

  و (أصحاب السعير): أهلها الباقون فيها، كما يقال: أصحاب القرية، وأصحاب الدار لسكانهما، و (أصحاب السعير) إما للعموم، يشمل هؤلاء الذين اعترفوا بذنبهم فصاروا في أصحاب السعير، فالمعنى: فسحقاً لأصحاب السعير وهؤلاء منهم، وإما للخصوص وأصله فسحقاً لهم إلا أنه أقيم الظاهر مقام المضمر لإفادة تعليق الإبعاد على كونهم أصحاب السعير لئلا ينصرف إلى اعترافهم بذنبهم فتفوت الدلالة على إظهار غضب اللّه عليهم بتعذيبهم في السعير وهذا أقرب؛ لأن قوله تعالى: {فَسُحْقًا} فيه تفريع بـ (الفاء) على قوله تعالى: {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ} فهو قرينة الخصوص في الذين كفروا من عهد رسول الله ÷.

  (١٢) {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} هكذا جرت عادة القرآن الكريم بالمقارنة بين الوعد والوعيد؛ لأن مهمة الرسول وإنزال القرآن التي هي التبشير والإنذار تتأكد بالتكرار الذي تقتضيه الحال؛ لبعد أكثر الناس عن السماع والإجابة والاستعداد للآخرة.