التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 155 - الجزء 7

  الْخَبِيرُ ١٤ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ١٥ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ


  (١٣) {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} فهو سواء في علمه تعالى {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وهي أخفى ما يخفيه الإنسان، فهو عليم بها؛ لأنه {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}⁣[البقرة: ٢٩] و (ذات الصدور): ما تختص بها الضمائر فلم تزل مخفية فيها مذ كانت من نيّة أو عقيدة أو حب أو بغض أو رغبة أو رهبة أو إرادة أو كراهة، أو غير ذلك مما تخفيه الصدور، ولا يخرج إلى الظهور بلسان أو قلم، أو غير ذلك من أسباب الاطلاع عليها، فهي منسوبة إلى الصدور؛ لاختصاصها بها دون ما تظهره أسباب الظهور، فسميت ذات الصدور أي السرائر ذات الصدور، أو الخفايا ذات الصدور، أو نحو ذلك.

  (١٤) {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} كيف لا يعلم من خلق وخلقه دليل على أنه بكل شيء عليم فالمخلوقات تشتمل على مخلوقات غامضة محكمة في أعضائها وأجزائها كما يحويه الإنسان من مجاري الغذاء الدقيقة التي توصل إلى كل جزء غذاءه من عظم أو عرق أو عصب أو مخ أو لحم أو جلد أو غير ذلك.

  وكما في الدماغ من أجزاء تركيبه وكيفياتها الخاصة بكل نوع منها من خلاياه وهكذا خلايا القلب والكبد وسائر الأعضاء كما يذكر في علم تشريح الإنسان ويعرف بالتأمل على سبيل الإجمال.

  وكذلك في سائر الحيوانات والشجر وكذلك الأرض وما تحويه من مواد تناسب مواد تركيب الإنسان من كالسيوم وحديد وغير ذلك مما هو معروف