سورة الملك
  
  وفي (لسان العرب): «وقول الفرزدق: ولَلّهُ أدنى من وريدي وألطف، إنما يريد وألطف اتصالاً» انتهى، فهو قريب من قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}[ق: ١٦].
  فحاصل المعنى: نفوذ علمه إلى ما بطن، فأما على تفسير اللطف بالرفق بعباده، فيكون معطوفاً على جملة الكلام في العلم، وهو الذي حكاه الشرفي عن الإمام الهادي #، ولفظه: «واللطيف: فهو البر بخلقه المتفضل عليهم برزقه المان عليهم بمرافقه» انتهى، و {الْخَبِيرُ} العليم بخُبْر كل شيء وخفي أمره.
  (١٥) {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} {ذَلُولًا} غير متصعبة على الإنسان، يستعملها للحرث والمشي والبناء وغير ذلك، لا تمتنع عليه بشكل يمنع من ذلك، مثل: كثرة الحفر، والشقوق، والجرف التي تنهار بمن مشى عليها، ومثل كثافة الرمال التي تهوي فيها الأرجل، ومثل: الوحل الذي يكون قد اختلط الطين والماء فصار تزل فيه الأرجل أو يتوحل الماشي، أو غير ذلك من الأشكال المبطلة للانتفاع بالأرض.
  وقوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمُ} معناه: أنه تعالى هو الذي خلقها للناس وجعلها صالحة لانتفاعهم بها، وقوله تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} يفيد: تذليلها على اتساعها وتذليل مجال الماشين فيها لم يقتصر تذليلها على مسكن الإنسان منها وذكر المناكب التي هي أظهر في الظهور المرتفعة؛ لأنها أوفق للمشي من الأودية التي تكون فيها البطحاء أو الماء الغيل الجاري أو يعرض لها نزول السيل الذي هو خطر على من في الوادي وفي المشي حاجات ومنافع بالتجارة وغيرها.