سورة الملك
  فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ١٧ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
  وقوله تعالى: {وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} دليل على بعض فوائد تذليل الأرض التي يحصل للإنسان بها رزقه من الحرث والضرب في الأرض للتجارة واستخراج المعادن وغير ذلك.
  وقوله تعالى: {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} كالنتيجة للدليل فحيث بيَّن سبحانه قدرته على كل شيء وعلمه بكل شيء كان ذلك رداً على من يستبعد البعث وأثبت أن إليه النشور وحيث بيَّن إنعامه على عباده كلهم مع أن منهم شاكراً ومنهم كافراً بين أن إليه النشور ليجزي كلاً بعمله، وحيث بين أنه خلق الأرض للناس بحيث ينتفعوا بها بيّن أنهم لم يخلقوا ليبقوا فيها أبداً، بل لا بد من النشور الذي هو البعث ليرجعوا إلى اللّه {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه: ١٥] فخلق الإنسان كان على أساس أنه سيجزى بما عمل فيها، كما قال تعالى: {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}[الجاثية: ٢٢].
  (١٦) {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} هذا خطاب للكفار الذين قد تعرضوا لأخذ العزيز المقتدر وأمنوا مكر اللّه، فهو سؤال إنذار لهم بالعقوبة، وتذكير أنهم معرضون للخسف بهم، وتوبيخ لهم على أمنهم وعدم خوفهم من العذاب مع كفرهم.
  وقوله: {مَنْ فِي السَّمَاءِ} قال في معناه الإمام الهادي # كما في (المصابيح): «معنى {مَنْ فِي السَّمَاءِ} فهو اللّه الواحد الذي هو في الأرض كما هو في السماء، لا يخلو منه مكان» انتهى.