التيسير في التفسير،

بدر الدين بن أمير الدين (المتوفى: 1431 هـ)

سورة الملك

صفحة 159 - الجزء 7

  


  وفي (مجموع الإمام القاسم #) في معنى هذه الآية وأمثالها [ص ٣٨١ - ٣٨٢/مخطوط]: «فالمعنى في ذلك كله على المشاهدة والتدبير، لا على أنه في شيء يحويه، ولا على أنه مع شيء ملازق له، ولا على أنه على شيء كما الإنسان على السرير وعلى السطح وقد خلا منه ما هو أسفل من ذلك، ومن ذلك قول الشاعر:

  وصرنا خاليين وليس معنا ... سوى رب البنية والمقام»

  انتهى المراد، والبيت شاهد واضح؛ لأن الشاعر أراد أنه معهما ولم يقصد المقارنة.

  وفي كلام أمير المؤمنين علي # في (نهج البلاغة) [ج ١/ص ١١٣]: «لم يحلل في الأشياء، فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها، فيقال: هو منها بائن» انتهى.

  وقد ظنّ بعض المشبهة أن تنزيهه سبحانه يستلزم التعطيل، أي نفي الخالق، وهو غلط سببه قياس الخالق على المخلوق، فظنوا أن قولنا: «ليس في الأشياء بوالج ولا عنها بخارج» تعطيل، وظنوا أنه لابد أن يكون فيها أو يكون خارجها، وذلك لظنهم أنه لابد أن يكون في مكان قياساً على المخلوق، فأما مع عدم المقايسة فلا مانع من أن يكون قريباً من المخلوق لعدم المسافة بينه وبين المخلوق، ولمشاهدته للمخلوق وتدبيره أمره، فيعتبر بذلك حاضراً، كما قال تعالى: {لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}⁣[طه: ٤٦].

  وبهذا المعنى يقال: هو في كل مكان، ومع ذلك لا تثبت له الظرفية؛ لأنه لا يحويه مكان، فلا يقال: هو في السماء إلا على المعنى الأول، لا على معنى أنها ظرف له تحويه، فالسماء والأرض سواء، ولكن تختص السماء بأنها قبلة الدعاء،